صوت ناعم وخاشع ينبعث من التلفاز الذي ينقل تلاوات رائعة للقرآن الكريم في هذا الشهر المبارك ، آيات قرآنية كأننا نستمع لها لأول مرة ، تلمس القلب قبل الاذن ، ونحن منهمكون في عملنا المعتاد ككل يوم، فجأة نسمع صوتا صارخا من احد الاشخاص الذين دخلوا الى المحل دون ذكر السلام حتى ، يريد ان يتباهى امام الزبناء وقال او بمعنى صرخ امامنا وسط ذهول الزبائن << تشغلون القرآن فقط في رمضان ، تذهبون الى المساجد، تصونون السنتكم ، لماذا تفعلون كل هذا فقط في هذا الشهر؟ لماذا لا يكون هذا الاجتهاد حتى في الشهور الاخرى ؟؟ >> بدا سؤاله مفاجئا رغم انه صائب في بعض ما قاله ، لم تعجبني الطريقة التي نصحنا إن لم أقل فضحنا بها ، كنت منشغلا مع عملي حانيا رأسي ولم أعره انتباها فقد كان صمتي يحمل الف جواب ، لكنه بدا مصرا على طرح السؤال كأنه يؤكد انتصاره في هذه المعركة وينتظر اعتذارا أو تصفيقا له، كان يرمقني بنظرات كأنه يحتقر ما نفعله ، وكان الزبائن يبتسمون كأنهم وافقوه الرأي ، ستكون فتنة اذا ترك الناس هذه الفرائض في هذا الشهر بالذات ، وقفت ونظرت اليه بعين فاحصة وابتسامة هادئة ، وقلت له مخاطبا : مالشيء الذي يجعلك تعبئ جوالك بسرعة فقط عندما يكون هناك مضاعفة في التعبئة ولا تعبئه نادرا في الايام العادية ؟ بدا سؤالي غريبا له فأجاب بكل اقتناع : طبعا لكي استفيد من هذا العرض ويتضاعف رصيدي في الجوال . صمت الجميع في هذه اللحظة كأنهم علموا المعنى العميق لهذا السؤال ، اتسعت ابتسامتي وبدا الرجل شاحبا كأنني ارغمته على ان يجيب عن سؤاله ، نعم لقد فهموا المعنى ، هناك عرض من الخالق الرحمن ، هناك اضعاف مضاعفة من الحسنات، هناك رحمة ومغفرة وعتق من النار في هذا الشهر المبارك، فما علينا سوى الاسراع لجمع الحسنات وتطبيق الفرائض حتى يتضاعف رصيدنا وننال رحمة ومغفرة من الله . وسط هذا الجو الصامت خرج الرجل حانيا رأسه وعاد ذلك الصوت العذب يتسلل الى الآذان والقلوب ليخترق هذا الصمت بالنداء الرباني " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "
قصة من نسج خيالي من أجل أخذ العبرة
الكاتب: Ismail Rif